ا ل ر) سبق تفسيرها (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ) أي
أحكمت في نظمها بأن جُعِلَت على أبلغ وجوه الفصاحة حتّى صار معجزاً ، ثمّ
فصّلت في مكان آخر من القرآن ليفهموها ، وهي (مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ) بالأمور
(خَبِيرٍ) بالعباد .
5 – (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُواْ مِنْهُ) أي من
محمّد ، والمعنى إذا صار طريقهم على محمّد ورأوه يثنون أنفسهم لكيلا يراهم
فيكلّمهم ويدعوهم إلى الإسلام وينهاهم عن عبادة الأوثان لأنّهم يتضجّرون من
كلامه ولا يقبلون دعوته وكان بعضهم إذا رآه يغطّي رأسه بعباءته لكيلا يراه
النبيّ فيكلّمه ، وذلك قوله تعالى (أَلا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ)
أي يغطّون رؤوسهم بثيابهم (يَعْلَمُ) الله (مَا يُسِرُّونَ) في أنفسهم من
العداوة لمحمّد (وَمَا يُعْلِنُونَ) من حربه وقتاله . ونظيرها في قصّة نوح
وهي قوله تعالى [في سورة نوح] {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ
وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا} .
7 – (وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ
وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء) سبق تفسيرها في كتابي (الكون والقرآن)
مفصّلاً .
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] 8 – (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ) يعني عن أهل مكّة ، لأنّ
العذاب إذا نزل يعمّ الجميع ونحن لا نريد إهلاكهم بل نريد هدايتهم أمّا
المعاندون منهم فنهلكهم بالسيف أو بالموت ولذلك نؤخّر العذاب (إِلَى) آخر
(أُمَّةٍ مَّعْدُودَةٍ) تنتهي عندها الحياة في الأرض وتموت الناس كلّها
وذلك في آخر يوم من أيّام الدنيا وهو اليوم الذي يكون طوله ألف سنة من
سنيّنا وذلك قوله تعالى في سورة الحج {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ
وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ
سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ} يعني يوم طوله ألف سنة معدّ لعذابهم .
(لَّيَقُولُنَّ) المعاندون (مَا يَحْبِسُهُ) يعني أيّ شيء يؤخّر هذا
العذاب عنّا ، وذلك استهزاءً بالعذاب غير موقنين بنزوله (أَلاَ يَوْمَ
يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ) أي لا يمكنهم الخلاص منه في ذلك
اليوم ولا نصرفه عنهم إذا تابوا وآمنوا حيث لا ينفع نفساً إيمانها لم تكن
آمنت من قبل (وَحَاقَ بِهِم) أي وأحاط بهم (مَّا كَانُواْ بِهِ
يَسْتَهْزِؤُونَ) من نزول العذاب .
13 – (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ) يا محمّد لهؤلاء المشركين
(فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) بزعمكم (وَادْعُواْ
مَنِ اسْتَطَعْتُم مِّن دُونِ اللّهِ) يعني وادعوا المسلمين إلى عبادة
الأوثان إن استطعتم ، فإنّ محمّداً جاء بالقرآن ليدعو المشركين إلى عبادة
الله واستطاع فعل ذلك لأنّ القرآن منزل من الله وهو معجزة له فإن أنكرتم
ذلك عليه فأتوا بعشر سور مثله وادعوا الناس بعكس ما يدعو إليه محمّد (إِن
كُنتُمْ صَادِقِينَ) في قولكم بأنّ محمّداً افتراه