حمار الشيخ-68- في الكف عدس

:+:{راعية الحلال}:+:

حمار الشيخ-68-في الكف عدس
وبعد أن سهرت هذه الليلة مع أديبنا محمود شقير في مجموعته القصصية ( أغنية
الحمار ) أصابني الأرق الشديد على حال الحمير التي ألبسها أديبنا محمود
شقير غباء " وتياسة " بني البشر، مع أنها – الحمير – بريئة من كل التصرفات
الشريرة التي لحقت بها في كتاب صديقنا الأديب ... وليس أدل على ذلك من
حماري وأنيس وحدتي الذي يقابل كل أفعالي الشريرة بالصبر الذي لا يقوى عليه
الانسان ، عدا عن وفائه واخلاصه الذي لم أجده في بني البشر ، ونكاية
بالأديب شقير الذي تطاول على الحمير، قررت أن اكرم عالم الحمير في شخص
حماري .. فاستيقظت مبكرا، وعملت له حماماً من ماء بئرنا الذي توارثناه أباً
عن جد ، ونظفت جلده بحجر ناري تماماً كما كانت والدتي – أطال الله بقاءها –
تغسل ملابسنا في حوض البئر، وتدقها بحجر نظراً لعدم توافر الصابون لضيق
ذات اليد .. وربطت أبا صابر على منطقة صخرية ملساء ونظيفة خوفاً أن يتمرغ
ويتسخ ثانية، ثم امتطيته قاصداً المسجد الأقصى للصلاة .
وفي منطقة وادي حلوة في سلوان وعلى بعد بضع مئات من الأمتار من محراب
المسجد الأقصى ... كان المستوطنون يحرسون بيتاً اشتروه بأموال المليونير
اليهودي الأمريكي موسكوفيتس، الذي يحلم بأن يشتري عقارات في مكة المكرمة
بعد العقارات التي اشتراها ويواصل شراءها في القدس الشريف .. وسمعت اناساً
يشتمون باعة العقارات لليهود .. في حين ان احد الاشخاص من ورثة البيت
المباع علا صوته مؤكداً انه واشقاؤه وشقيقاته باعوا البيت لعربي فلسطيني ،
ولم يبيعوه للمستوطنين، وقال كلاماً جميلاً عن عروبة القدس واسلاميتها لم
يقله فاتح المدينة الخليفة الثاني رضوان الله عليه .. فلم يكن أمامي الا أن
اُصدقه لولا أبو صابر الذي مدّ احدى اذنيه ونهق نهيقاً غاضباً ، فانتحيت
به جانباً لاستطلع سبب غضبه ، فروى لي حادثة رواها الطبيب ابراهيم ابو هلال
أثناء وجوده في سجن نابلس عام 1980 ، حيث قضى عقداً من الزمن ، وملخص
الحادثة ان الأسرى ثاروا على ظروف القمع اللانسانية، فتدخلت دائرة السجون
لتقمع الاسرى .. وطلبت من احد السجانين العرب ويدعى حمدان أن يلقي الغاز في
الغرف .. فشتم الادارة ومن فيها رافضاً تنفيذ الأوامر بصوت عال وهو يردد (
هؤلاء من أبناء شعبي ولن أساهم في قتلهم، فأكبر السجناء فيه هذا الموقف
وهتفوا بصوت واحد ( دمك عربي يا حمدان .. دمك عربي يا حمدان ) ولم يعلموا
الا متأخراً أن حمدان ما غيره كان حلقة الوصل بين العملاء وأسيادهم، ففهمت
ما قصده أبو صابر وانصرفت من المكان،وأنا أردد "الذي يعرف يعرف والذي لا
يعرف يقول في الكف عدس" .
وبعد قليل لفت انتباهي بضعة شبان استهزأوا بي وبحماري .. ولما أمعنت النظر
فيهم فإذا بهم يلبسون ملابس غريبة أثارت ضحكي، أما شعورهم فقد أضحكتني
قهقهة حتى كدت أقع عن ظهر الحمار، وذلك لأنها طويلة عند أمّ الرأس وقصيرة
جداً عند محيطة، فسألتهم عن سبب استهزائهم بي ؟ فلم يجيبوا وان فهمت منهم
انهم يعيبون عليّ صحبتي للحمار في الوقت الذي يستخدم فيه الآخرون مختلف
أنواع السيارات .
ولما سألتهم عن قص شعورهم بهذه الطريقة أخبروني ان اسمها قصة (المارينز)
وهي قصة مبتكرة في الجيش الأمريكي بعد ان دخل الصحاري العربية على الرحب
والسعة،وقلد فيها ابناء البادية .. فضحكت من حضارة رعاة البقر التي يقلدها
جيل اليوم .. وتذكرت كيف كان آباؤنا يقصون لنا شعورنا بهذه الطريقة في
أواخر الخمسينات، كما فعل ذلك الاجيال السابقون من أبناء شعبنا وأمتنا ..
وكيف كان ( المتحضرون ) يستهزؤون بنا على تلك القصة التي أسموها ( قصة رعاة
الغنم ) وضحكت أكثر عندما قلدها أبناؤهم وأبناؤنا بفخر لأنها مستوردة من (
رعاة البقر ).

:+:{فدوة الغاليه}:+:

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]