لقد هزلت حتى..

:+:{فدوة الغاليه}:+:

لقد هزلت حتى..

إن التخصص في مختلف أنواع العلوم سمة من سمات هذا العصر الذي نعيشه، ولقد ازدادت العلوم تنوعاً إلى درجة لم تكن تخطر لمن عاش قبلنا على بال؛ فلقد كان من الممكن- بل كان الأمر واقعاً-

في السنوات الماضية أن نجد بعض الناس يجمعون بين أكثر من مهنة إلى جانب مهنتهم الأساسية، وذلك لقلة المشتغلين بباقي المهن أي إن مسألة التخصص لم تصل إلى الحد الذي هي عليه اليوم.

وإن مما أذكره في هذا المجال أن جَدِّي الذي كان يعمل حلاّقاً قد تعدى إلى تخصصات أخرى، فقد كان يمارس إعطاء المرضى الحقن العضلية، ويمارس أحياناً دور طبيب الأسنان في معالجة التهاب أو قلع ضرس، وكان غيره من أبناء مهنته يمارسون مهنة ختان الأولاد أيضاً.

هكذا كانت الحياة من قبل؛ يصح أن نطلق عليها الفوضى غير الخلاقة... أو العولمة غير المقصودة منذ عصر الأجداد، ولكن التطور والتقدم العلمي منع ذلك فلم نعد نجد حلاقاً يمارس مهنة الطب أو ....... . وأصبح من الحماقة أن يتكلم إنسان كلاماً لا يمت إلى اختصاصه بصلة، وهذا الأصل متفق عليه بين الجميع.

إلا إننا نسمع بين الفينة والأخرى من يخرج إما في مقال مكتوب أو تصريح لمجلة أزياء أو قناة هاتفة، ليتحدث عن الإسلام وينصب نفسه مفتياً يحلل ويحرم، ويفتي في أمور تحتاج إلى عالم تحرير ليُخَرِّج أصولها ويرد فروعها إلى أصول شرعية، ومع ذلك نجده يحاور ويفسر كأنه نسي أن العلم يوجب عليه أن يعطي القوس باريها،أو تناسى مسألة التخصص التي تمنع من قرأ مئات المقالات عن الطب أن يكتب وصفة لمريض، وتمنع من قرأ ألف كتاب عن الطيران أن يقود طائرة.

ولن أكون بعيدا عن العلم والحقيقة العلمية إن قلت: إن هذا الإنسان يسيء إلى نفسه من حيث لا يدري، بل يذكرني بذلك العهد الذي كان الحلاق فيه طبيباً وممرضاً وخاتناً، وأرى أن الحكم عليه في ذلك كالحكم الذي ينبغي أن يصدر بحق جدي عندما أتاه رجل أصيب بالتهاب في ضرسه فوصف له عشبة ذيل الفرس فاشتد الالتهاب واضطر الرجل لقلع ضرسه؛ أليس من المنطق أن تغلق عيادة جَدّي(صالون الحلاقة).

أنا لا أقول لا يحق لأحد أن يتكلم عن الإسلام، إنما أعني أن الإنسان إذا غاب عن ذهنه أمر فليعد إلى أهل الاختصاص فهذا يدل على احترام العلم والعقل،أما إن كان غير مقتنع بحكم أو مبدأ فهذا شيء آخر، وله حقه الشخصي في هذا.