من مظاهر العناية بالصحة في الإســــــلام منّ الله تبارك وتعالى على الإنسان بنعمة الصحة والعافية , وخلق سبحانه وتعالى ألوان الطعام والشراب حتى يستعين الإنسان بهما للحفاظ على بدنه قويا 0 فالإنسان عليه أن يحافظ على نعمة الصحة التي أنعمها ربه عليه , وعليه أن يجاهد لتأمين لقمة الصحة بكرامة 0
لقد أنعم الله تبارك وتعالى على الإنسان بأصناف وألوان الطعام والشراب ليستخدمها وألاّ ينسى نصيبه من الدنيا قال سبحانه وتعالى :
" كلوا من طيبات ما رزقناكم ".
" كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين "
" كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان "
" كلوا مما رزقكم الله واشكروا الله "
"وكلوا واشربوا حتى يتبَّن لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر "
0 والله عز وجل كريم بالإنسان :" وأنزلنا عليكم المن والسلوى " . ثم بيّن للإنسان ألوان الطعام :"وفاكهة مما يتخيرون "." ولحم طير مما يشتهون " .
وقد أنزل مائدة على بني إسرائيل عليها سمكة عند رأسها خل وعند ذنبها ملح وسبعة أرغفة على كل رغيف زيتون وحب رمان 0
ثمة حكاية قديمة تروي أن رجلاً في مقتبل عمره أراد أن يذهب في تجارة ليأتي ببعض الما ل ، وفي الطريق رأى ثعلباً مريضاً بالكاد يتحرّك ، فوقف سائلاً نفسه : كيف يأكل هذا الحيوان الواهن ؟ وفي أثناء تأمله وشروده بأمر الثعلب ، لاح له أسد قوي يحمل فريسة ، فجلس بالقرب من الثعلب وبدأ يلتهم فريسة حتى شبع وانصرف . بعد ذلك رأى الثعلب الواهن يزحف إلى بقايا الفريسة فيأكل هو الآخر حتى الشبع وينصرف إلى مكانه . وقف الشاب قائلاً في نفسه : إذا كان الله يبعث أرزاق مخلوقاته جميعاً فما لي أركض وأشقى حتى أُطعم نفسي . وعاد إلى بيته يقول لأبيه قصة الثعلب الذي جعله يعود من نصف الطريق . فقال له الأب : أنت مخطئ يا بني تنظر إلى ظواهر الأمور،ليس المهم أن تأكل , المهم من أين أتيت بطعامك 0 إني أريد لك أن تكون أسداً تأكل الثعالب من فضلاته ، لا أن تكون ثعلباً واهناً تأكل بقايا السباع 0
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب اللحم ويقول بأنه سيد الطعام في الدنيا والآخرة . وكان عليه الصلاة والسلام كذلك يأكل القثاء بالرطب والملح . وكان صلى الله عليه وسلم يحب الهندباء والبقلة والباذروج ، وكان يأكل اللبن والتمر ويسميهما :" الأطيبين " ولم يكن يأكل من الشاة سبعاً : الذكر ، الأثنيين ، المثانة ، المرارة ، الغدد ، الحيا ، الدم ، بالإضافة إلى أنه لم يكن يحب أكل الكليتين . ومن دعائه :" اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا ". رواه الحاكم والترمذي 0 فالإنسان الخاسر لصحته هو بذات الوقت خاسر لعقله وفكره وعمله لأن قوة الإنسان هي مصدر أي حركة تبدر منه وقد بيّن لنا النبي صلى الله عليه وسلم :" من أصبح منكم في سربه ، معافىً في جسده ، وعنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ". رواه البخاري وابن ماجة 0في إحدى الأيام سمع النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تقول :" اللهم إني أسألك العفو والعافية " فقال لها :" لقد دعوتِ بخيَري الدنيا والآخرة ". خلق الله ألوان وأشكال الطعام والشراب من أجل قوة أبدان وعقول الناس ودعاهم إلى هذا الطعام :" يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ". البقرة 168 0" قل لا أجد في ما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلاّ أن يكون ميتةً أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به ". الأنعام 145 0وإذا كان هذا الطعام يقوي البدن والعقل معاً فإنه في الحين ذاته يعالج البدن ويطرد منه الأمراض .
لم يخلق الله سبحانه وتعالى شيئا إلا لوظيفة يؤديها , نتوقف هنا في لمحة سريعة أمام العلاقة بين البدن وما خلق الله من طعام , وهي مكتشفات طبية معاصرة جرت وفق تجارب عديدة في كبرى مخابر التحليل في العالم 0
فالتفاح رغم أنه يساعد على نمو الجسم وأداء وظيفة الرئتين ، يحمي الإنسان من خطر التلوث البيئي ويخفف من آثار التدخين ، كونه يحتوي على مادة " الكوريدسيتين " المضادة للتسمم ، وكذلك فهو يحتوي على مواد تقاوم الربو وتيسر عملية التنفس للمصابين بأمراض الرئة والتنفس . بينما أوراق البقدونس تساعد على طرد الغازات والانتفاخات والتقلصات والمغص المعوي والمعدي ،كما تساعد على إدرار البول وتنقية الكلية وتفتيت حصاوي المجاري البولية وخفض الكوليسترول وبولينا الدم ، وتخفف هذه الأوراق من آلام مرض النقرس . والباذنجان إضافة إلى قيمته الثمينة كونه يحتوي على كميات لابأس بها من المواد الغذائية حيث تصل نسبة السكريات (جلوكوز – فركتوز – سكروز ) إلى 4 % وأهم الأملاح الموجودة في الباذنجان ، ( 3B ، C )- فإن فيتامين ( C ) (حمض الأسكوربيك ) يلعب دوراً هاماً في عمليات الأكسدة والاختزال والتبادل الكربوهيدراتي وتنظيم نفاية الوعية الدموية . أما الليمون فقد أكد الطب أن كل مائة غرام من عصيره تحتوي على 20 ملغ من الكالسيوم و90 غرام من البوتاسيوم ، ونصف غرام من الحديد وكميات قليلة من المنغنيز والفوسفور وهي مجتمعة تحافظ على المعدل القلوي للجسم ، كما أنها تحتوي على 80 ميكرو غراماً من النياسين الواقي من مرض البلاغرا ، و50 ميكروغراماً من الثيامين الواقي من مرض الأسقربوط ، و17 ميكروغراماً من السترين الذي يعمل على تقوية ومتانة الشعيرات الدموية وحمايتها من التمزق ، و50 ميكروغراماً من الريبوفلافين اللازم لتنظيم عملية الأكسدة والتمثيل وهضم الأغذية الدهنية والبروتينية . والليمون يعالج مرض النقرس كونه يذيب الأملاح المترسبة في المفاصل ، وهو يطرد السموم من المعدة والكبد ويحمي خلايا الجسم ويقوي أجهزة الدماغ وينقّي الدم .
وأثبت التحليل الكيماوي لليمون أن عصيره يعقم الخضروات التي تؤكل نية ويقضي على الجراثيم الموجودة فيها ، وكما أنه يقوي عضلة القلب والشرايين ، ومضاد قوي للإصابة بالبرد والزكام والرشح واحتقان الكبد ويفيد المرارة . وعند التهاب المسالك البولية فهو يطهر الكلية والبروستاتا والمثانة ، لأنه يساعد على إدرار البول وطرح الفضلات ويقوي الأنسجة والعظام والأوعية الدموية حتى قيل فيه أنه مستودع دواء .
. قال الله :" خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون " . وقال :" خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا ".
رأت عائشة رضي الله عنها رجلاً كاد يموت تخافتا فقالت : ما لهذا ؟ قيل : من القراءة والعبادة . فقالت : كان عمر سيد القراءة ، وكان أعبد لله منه ، فكان إذا مشى أسرع ، وإذا قال أسمع ، وإذا أطعم أشبع ، وإذا ضرب أوجع .
ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً مطأطأ رأسه ، فقال له عمر : ارفع رأسك ، فإن الإسلام ليس بمريض ، ولا تمت علينا ديننا ، أماتك الله .