خطر الانترنت هل يتحول الإنترنت إلي خطر يهدد الأخلاق والقيم؟؟ أكثر من 12.5 مليون عربي يستخدمون الإنترنت
لا يختلف اثنان على أن الإنترنت أصبح لغة العصر وسواء، رضينا أم أبينا فسيكون اللغة السائدة في السنوات القادمة، وأكدت دراسة أُجريت مؤخراً وشملت 15 دولة عربية ان عدد مستخدمي شبكة الإنترنت في الوطن العربي قد يصل إلى 12.5 مليون مستخدم في نهاية العام 2004. وتشير الدراسة إلي أن أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت في مصر حيث يبلغ عددهم نحو 450 ألف مستخدم وتأتي الإمارات في المرتبة الثانية 410 ألف مستخدم تلتها السعودية ولبنان، مع العلم أن هذه الدراسة لا تشمل العديد من الدول العربية، ولمعرفة المزيد كان لنا هذا التحقيق في مدينة غزة وحدها.
آراء الطلبة كونهم الشريحة الأكثر استخداماً للإنترنت في الوطن العربي فكانت الإجابات علي النحو التالي:
"حمادة الخواجة" 24 سنة وهو طالب مصري يقول أن للإنترنت فوائد جمة يمكن الاستفادة منها في التوعية والتثقيف والإرشاد إلا أن الانتشار على الإنترنت في رأيه لا يخضع لجودة المحتوي بقدر ما يخضع للإغراق والانتشار الواسع، ويعتقد بأن الحرية في استخدام الإنترنت متاحة بلا حدود وقال: بعض الدول العربية تفرض رقابة علي بعض المواقع وتحجبها عن مواطنيها مثل الإمارات العربية والسعودية مثلا حيث يضعون" الفلاتر" التي تحجب المواقع التي تناقش النظم الحاكمة وهو أيضا ما يحدث في الصين كما يوجد عامل تحجيم أخر وهو أن جميع مواقع الاستضافة تابعة للغرب لذا فهم يتحكمون في ما ينشر من وجهة نظرهم وقد يصنف المحتوي بكونه إرهابيا أو معاديا للسامية وهذا حدث مع بعض المواقع التي تناقش قضايا مثل فلسطين و الشيشان مثلا حيث تحذفها الشركات المضيفة.
أما أسامة الكحلوت طالب فلسطيني يقول إن مقهى الإنترنت دائماً مزدحم لدرجة أنه أحياناً لا يوجد مكاناً يجلس فيه، كما أبدى تذمره من الاختلاط بين الجنسين داخل المقهى مشبهاً إياه بدور السينما بالإضافة إلي الجلوس لساعات طويلة جداً أمام الإنترنت وهذا يشكل هدراً للوقت دون أي مردود إيجابي غالباً لاهتمام معظم الطلبة بعقد الصداقات من خلال شبكة الإنترنت وأحياناً الإنكباب على تصفح المواقع الإباحية.
ويوافقه الرأي الطالب محمد بعلوشة حيث يقول إنني: أجلس أمام الإنترنت ما بين 4-5 ساعات يومياً وأشعر بعدم ارتياح لأنه يوجد نظام فصل كاف في جميع المقاهي بين الشباب والبنات التي ارتادها فضلاً عن الاستخدام السيئ للإنترنت في ظل عدم وجود رقابة تحظر فتح المواقع الإباحية.
في حين يرى الشاب الكويتي عبد الرحمن عمر أن للإنترنت سلبيات وإيجابيات مشيراً إلى أن الجانب السلبي في الاستخدام قد يطغى على الإيجابي وهذا ما لاحظه أثناء فترة استخدامه للإنترنت التي تمتد لأكثر من خمس سنوات، وأضاف معظم مستخدمي الإنترنت من الشباب يستخدمه في الألعاب كجانب ترفيها، وبعضهم يستخدمه في الجانب اللاأخلاقي في ظل عدم وجود رقابة حقيقية تحول دون ذلك.
أما الأردني محمد منصور فقال أن الإنترنت سلاح ذو حدين، يمكن الاستفادة منه في التحصيل الثقافي والمعلوماتي وتوظيف كل ما يقدمه لنا الإنترنت في خدمة الفرد والمجتمع، وأشار إلى أن بعض مستخدمي الإنترنت يستخدمونه في الترفيه فقط والمحادثات "الشات"، في حين يتجه آخرون إلى استخدامات سيئة كفتح المواقع الإباحية، وأرجع السبب في ذلك إلى عدم وجود مراقبة صارمة تمنع مستخدمي الإنترنت من التوجه نحو هذه الدائرة المظلمة.
من جهة أخري تبدو الفتيات أكثر تذمراً من هذا الوضع فتقول س.م التي رفضت الإفصاح عن اسمها الحقيقي أنه نظراً للمشاكل الأسرية الخاصة بها فإنها تعاني كثيراً فتذهب إلي مقهى الإنترنت وتجلس أمام الكمبيوتر حوالي ثمان ساعات متواصلة هرباً من مشاكلها الأسرية ووظائفها ومحاضراتها الجامعية، مضيفة أنها تعرفت على ثلاثين شابا ًبأسماء مستعارة من خلال ترددها على مقهى الإنترنت، أما الطالبة هالة صُبحي فتقول أنها استفادت كثيراً من الإنترنت من خلال إعداد بعض الأبحاث العلمية لكنها لم تنكر أنها تعرفت على صداقات جديدة وأشادت بأهمية هذه الصداقة بين الشاب والفتاة خصوصاً إذا كانت على قاعدة الاستفادة من الكم الهائل من المعلومات التي يقدمها الإنترنت في جميع المجالات على حد قولها.
أما أصحاب المقاهي فلهم رأى مختلف، أبو حسن صاحب أحد المقاهي يقول: "إن الاختلاط بين الجنسين أمر مبالغ فيه " ويشير إلى أن سبب الاختلاط هو ضيق المكان الذي يحول دون إمكانية عزل الشباب عن الفتيات لكنه أكد على مراقبته المستمرة لعملية الاختلاط وللمواقع الإباحية من خلال جهازه الرئيس إلا أنه اعترف أن المسألة لا يمكن حسمها مائة في المائة.
أما منذر الموظف في احد مقاهي الإنترنت فيقول: نظراً لضيق المكان يستحيل الفصل بين الشبان والفتيات إلا أن هناك خطة مستقبلية لعمل أماكن مخصصة للفتيات فقط مع وضع برنامج في الشبكة الرئيسية يجعل من المستحيل الدخول إلى مواقع معينة وخصوصاً المواقع الإباحية.
وفي معرض سؤالنا عن الهدف الرئيس لفتح هذه المقاهي أجاب أصحاب المقاهي أن الهدف الأساسي هو الربح المادي بالدرجة الأولي، ولكن الأمر مختلف تماماً لدى أصحاب أحد المقاهي حيث أكد أن الهدف الأساسي من مقهى الإنترنت هو خلق جيل متعلم ومثقف عن طريق الإنترنت، مشيراً إلى أنه يتعامل بنظام عضوية اشتراك للمستخدمين، وطالب المؤسسات الإعلامية والتربوية بضرورة توعية الجيل الجديد نحو الاستخدام الأمثل للإنترنت، مؤكداً أن الأجيال القادمة يجب أن تؤهل منذ اليوم لاستخدام الإنترنت والتعامل معه بشكل جيد وسليم، والسنوات القادمة بلا شك تحمل مزيداً من التطور التكنولوجي في مجال الاتصال ومن المهم أن تستعد الأجيال القادمة منذ اليوم لمواكبة هذا التطور التكنولوجي للإنترنت.
سلاح ذو حدين..ولمعرفة رأي الاجتماع يقول د.وليد شبير رئيس قسم الخدمة الاجتماعية بالجامعة الإسلامية في مدينة غزة إن الإنترنت سلاح ذو حدين فيمكن استخدامه في أشياء هادفة ومفيدة أو في أشياء سلبية وهذا يتعلق بالتنشئة الأُسرية المبنية على الدين والأخلاق والتربية الجيدة.
ويرى شبير أن انغماس الشباب في شهواته سينعكس على ذاتهم وعلى المجتمع الذي يعيشون فيه مما سيؤدي إلى انحرافات سلوكية، مشيراً إلى أن واجب المسئولين هو مواجهة هذا الخطر بتوعية الشباب عبر مختلف المؤسسات التربوية والمهنية وإشغالهم بما يخدمهم ومجتمعهم.
إدمان إنترنت..وحول تأثير الإنترنت على الشباب من الناحية الاقتصادية أشار مصطفي عودة مهندس للكمبيوتر بأن الوضع الاقتصادي للشاب لن يتأثر كثيراً خاصة إذا كانت ساعات ارتياده قليلة نوعاً ما مؤكداً أن هناك حالات شاذة ومدمنة إنترنت كأن يجلس الطالب ما يزيد عن خمس ساعات يومياً أمام جهاز الكمبيوتر فهذا يؤثر عليه سلبياً سواء نفسياً أو مادياً بشكل كبير، وأضاف عودة بأن الطالب يضطر أحياناً للاستدانة من صاحب المقهى أو من صديقه أو قد لا يشتري كتاباً معيناً من أجل توفير هذا المبلغ لصرفه علي ارتياد مقاهي الإنترنت وأشار عودة إلى معظم هذا الوقت وهذه الأموال تنفق هباءً خصوصاً عبر استخدام مواقع الدردشة التي تخلق مشاكل كثيرة للطالب مع أسرته وتؤثر علي تحصيله العلمي.
وللدين كلمته..أما رأي الدين في موضوع الإنترنت فقد استطلعنا رأي الدكتور "صالح الرقب" المحاضر بكلية أصول الدين بالجامعة الإسلامية فقال: إن الإنترنت من انجازات التقدم العلمي التي تساعد الإنسان على تحسين حياته للوصول إلى الشكل الأمثل مؤكداً على أن انعدام الوازع الديني وغياب المنهج التربوي الصحيح من أهم الأسباب التي تدفع الشباب والفتيات لاستخدامها سلباً والوقوع في الخطأ، وعن الحكم الشرعي في الوضع القائم في مقاهي الإنترنت قال الرقب: إن الاختلاط والاستخدام السيئ للإنترنت بالطريقة التي نراها اليوم حرام شرعاً، لأن الوسيلة يجب أن تدار بطريقة شرعية، لا أن تكون مدمرة للإنسان في صحته وعقله ودينه وأخلاقه وثقافته..
الإعلام يتحدث..أما الإعلاميين فلهم رأي آخر حيث يري بعض الإعلاميين أنه من الصعب عدم مواكبة ثورة الاتصال وتجنبها وخاصة الإنترنت، ولكن يجب أن نستخدمها ونسخرها لخدمة أهدافنا التي يجب ألا تتعارض مع مقومات ديننا وحضارتنا، وعن دور الإعلام يشير المحاضر في قسم الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية الأستاذ "أمين وافي" إلي إمكانية توجيه الجمهور من خلال وسائل الإعلام والقيام بتوعيته عن طريق بيان السبل التي تخدم الإنسان وتشغل وقت فراغه بشكل مفيد من خلال الاستخدام الجاد لشبكة الإنترنت.
كلمة أخيرة..مما لا شك فيه أن إنجازات الإنترنت بتقنياته الواسعة المتقدمة في مختلف المجالات يمكن أن تغمر الأرض بخير كثير لو أُحسن استخدامها ابتداءً من رفع المستوي الثقافي، وقرع ما يلزم من أجراس الإنذار أمام مخاطر الاستخدام السيئ، وصولاً إلي خلق جيل واعٍ، مثقف يعرف واجبه نحو ذاته ومجتمعه، وإلا فسوف نتحول إلي غرباء في عالمٍ غريـب.